نون والقلم

أسعد الجوراني يكتب: اين المجتمع عن العفو عند المقدرة

تعريف العفو قال الكفوي: كف الضرر مع القدرة عليه، وكل من استحق عقوبة فتركها فهذا الترك عفو قال تعالى:  {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199)

وقوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (المائدة: من الآية13).

قال تعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران/ 134.

من أقوال المصطفى عليه الصلاة والسلام:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله » رواه مسلم

وربما يكون للعجب والكبر آثار سلبية, باعتبار أن كلاً منهما يمثل حجاباً عن الرؤية النقية الصحيحة المتوازنة حتى يزداد ذلك الحجاب عمقاً وشدة فيتحقق الطبع عـلى القـلب فيكون الإنسان مصداقاً لقوله تعالى ﴿ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾.

وقد ورد عـن الإمـام الــصادق (عليه السلام): {وقع بين سلمان الفارسي وبين رجل كلام وخصومة, فقال له الرجل: من أنت يا سلمان فقال سلمان: أما أوّلي وَأوَلكَ فنطفة قذرة, وأما آخري وآخرك فجيفة مُنتنة, فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم, ومن خف ميزانه فهو اللئيم}

ينبغي التفكّر والتدبر بمقدار ضعفنا وعجزنا أمام اختبارات وبلاءات الدنيا كالمرض والفقر والموت، بل وعدم صبرنا وصمودنا لفترات محددة أمام الجوع والعطش والبرد والحر.

وإن الروح والباطن كما تستقذر بالمعاصي والذنوب فإنها تستقذر بالأخلاق الرذيلة فلابد من تطهيرها عن القذارات المعنوية والأخلاقية بالابتعاد عن سفاسف الأمور ورذائل الأخلاق ورد عن النبي الاكرم المصطفى محمد  (صلى الله عليه وآله وسلم)  [إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق]

ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):  [فأما توبة العام فان يغسل باطنه بماء الحسرة والاعتراف بالجناية دائماً واعتقاد الندم على ما مضى، فأن في ذلك طهارة من ذنوبه] وفي هذا إشارة إلى محاسبة النفس والاعتراف بالخطأ.

وورد عن الإمام الرضا (عليه السلام): [علة غسل الجنابة، النظافة وتطهير الإنسان نفسه مما أصابه من أذاه وعلة غسل الميت لأنه يطهر وينظف من أدناس أمراضه وما أصابه من صنوف علله وعلة اغتسال من مس الميت فظاهره لما أصابه من نضج الميت لأن الميت إذا خرجت الروح منه بقي أكثر آفة فلذلك يتطهر منه ويطهر]

أن الله سبحانه وتعالى أراد بالأحكام والعبادات تحقيق هدفين  الأول وهو الهدف الأهم والأصل حيث أراد المولى تعالى تنصيب نفسه هدفاً وغايةً للمسيرة الإنسانية وللمخلوقات كافة لكي يطأطئ الإنسان رأسه ويتذلل بين يديه لكي يكرّس ذاته المقدسة جل جلاله.

قال تعالى ((وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ))

والثاني ببناء الإنسان الصالح المتكامل القادر على تجاوز ذاته والمساهمة في المسيرة الإنسانية الشمولية لكافة مناحي الحياة، ولتحقيق هذا الهدف صاغ المولى المقدس العبادات والأحكام بصورة وأسلوب يكون في أغلب الأحيان أداة ووسيلة لتصحيح وتوطيد العلاقة الاجتماعية بين الإنسان وأخيه بأن يحب كل منهم الآخر ويتألم لألمه ويفرح لفرحه ويحزن لحزنه فيسعى في قضاء حوائجه، وبهذا نحصل على التكافل والتكامل الاجتماعي، والطهارة وأحكامها شملتها هذه الصياغة الإلهية لتحقيق الهدف الاجتماعي، ومن الواضح أن معالجة الجانب الأخلاقي يصب بصورة مباشرة ورئيسة في تحقيق هذا الهدف الاجتماعي .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى