
تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في واقع الثقافة العربية والعالمية، ومساعيه المستمرة – رغم رحيله – في المجالات الإنسانية ودفاعه عن السلام العالمي، فإن مهرجان القرين الثقافي الـ30، اختار الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين رحمه الله، منارة ثقافية، للإضاءة على القليل وليس كل ما أثرى به الإنسانية من إسهامات، ستبقى خالدة في وجدان التاريخ الإنساني.
وتحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبد الله الأحمد الصباح أقامت صباح أمس، الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب منارة الأديب والشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين، في مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، وهي المكتبة نفسها التي أسسها الشاعر الراحل، لتكون مزارًا للباحثين عن نوادر الكتب والمخطوطات.

الجسار: أحد أعلام الثقافة العربية الذي كرس حياته لخدمة الثقافة والأدب
في البداية ألقى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الجسار كلمة أشاد فيها بما قدمه البابطين رحمه الله من إنجازات ثقافية مهمة ليس في الكويت فقط، ولكن في مختلف الدول العربية والأجنبية.
وقال الجسار، نحتفي اليوم بذكرى قامة أدبية سامقة، أحد أعلام الثقافة والإبداع في وطننا الحبيب، الأديب الراحل عبد العزيز البابطين الذي كان مثالًا حيًا للعطاء الثقافي والإنساني، حيث كرس حياته لخدمة الأدب العربي والشعر تحديدا، مؤمنا بأن الثقافة جسر للتواصل بين الشعوب وأداة للارتقاء بالإنسانية.
وأضاف، إن هذا التكريم هو أقل ما يمكن أن يقدم لهذه الشخصية الاستثنائية، التي كان لها بصمة واضحة في دعم الثقافة من خلال مؤسسته الرائدة وجوائزه الأدبية المرموقة.

وتابع الحضور عرضًا مرئيًا لتقرير وثائقي تناول مسيرة البابطين – رحمه الله – وما تفضل بتقديمه من مجهودات على مدى سنوات طويلة بإصرار وصبر، حتى تحقق له المأمول، وأصبح لمؤسساته الثقافية مكانتها في نشر الثقافة والوعي والدعوة إلى السلام، وتقريب وجهات النظر من خلال الشعر بصوره الإنسانية العالمية.
وكرم الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عائلة البابطين، ممثلة بأسامة البابطين، بدرع تذكارية.

الجاسم: إنه الأستاذ والشاعر والمعلم والرائد الثقافي.
فيما بدأت فعاليات ندوة المنارة التي أدارها الإعلامي القدير يوسف الجاسم، وتحدث فيها وزير الإعلام الأسبق سامي النصف عن الجانب الشخصي في شخصية البابطين، فيما تطرق وزير التربية الأسبق الدكتور رشيد الحمد إلى الجانب العلمي والعملي واسهاماته المحلي، وتحدث أ.د عبد الله التطاوي من مصر عن الإسهامات العربية والعالمية للمحتفى به.
بالإضافة إلى شهادة من وزير الاعلام البحريني الأسبق نبيل الحمر، وشهادة أدلى بها الدكتور سالم خداده، فيما ألقى الشاعر عبد الله الفيلكاوي قصيدة «نجم السراة».
وفي تقديمه قال الجاسم، ما أسهل على الباحث أن يختار البحث أو الكتابة أو الحديث عن (المغفور له بإذن الله تعالى الأستاذ الأديب عبدالعزيز سعود البابطين) الذي كان (مؤسسة في رجل)، يجترح المبادرات الفكرية والثقافية والاجتماعية والانسانية وينفذها من حر ماله بأساليب تعجز عنها الكثير من الدول.
وتابع كان هو الأستاذ والشاعر والمعلم والرائد الثقافي وفدائي الذود عن حياض اللغة العربية والشعر العربي والأديب والقناص ورجل الأعمال ومهندس العلاقات الإنسانية والاجتماعية، وفارس التقريب بين الحضارات، واجتمعت به مناقب العصامية والإقدام والعزيمة والحكمة في آن معاً، وهكذا كان المرحوم العم عبدالعزيز البابطين.
إذاّ كيف لا يسهل النظر له كنجم ساطع، والالتفات نحوه والبحث في أبعاده؟

الحمد: كان حريصًا على أن يظل اسم الكويت حاضرًا
وفي سياق الندوة أشار وزير التربية الأسبق الدكتور رشيد الحمد، في ورقته البحثية إلى محافظة البابطين رحمه الله على القصيدة العربية، من خلال مؤسساته، والجوائز الشعرية التي تُمنح للشعراء الفائزين في مسابقات المؤسسة، وكذلك تأسيسه لأضخم مكتبة عربية تُعنى بالشعر، وإصدار المعاجم، وأكثر من 600 كتاب، إلى جانب نشاطاته في العلم والتعليم، من خلال بناء المدارس في مختلف بلدان العالم، كما أنه كان حريصاً على أن يظل اسم الكويت حاضراً، ونشره للغة العربية، والدفاع عن وجودها، بفضل حسه العروبي العالي.

النصف: أرى فيه فرسان العرب
وتناول وزير الإعلام الأسبق سامي النصف، الجانب الإنساني في البابطين رحمه الله، مؤكداً أنه مجموعة دكاترة وسفراء ومنارات، وأنه فيلق من الدول، وأن سيرته فيها الكثير من الدروس التي يجب أن يطلع عليها النشء والشباب للاستفادة منها، حيث بدأ النبوغ يظهر عليه مبكراً كما عمل في المجال التجاري منذ الصغر، واستفاد ثقافياً من عمله أمين مكتبة الشويخ، فقد كان يعمل في ثلاث وظائف في آن واحد، وكانت له آراء حكيمة خصوصاً في مسألة حوار الحضارات بدلاً من مفهوم صراع الحضارات، وقال: أرى في البابطين فرسان العرب.

التطاوي: رجل استثنائي بكل المعايير وصاحب فعل ثقافي وإنجاز حقيقي
والجانب العربي تحدث فيه أ.د عبد الله التطاوي، مؤكداً في بداية حديثه أن البابطين رجل استثنائي بكل المعايير، وصاحب فعل ثقافي وإنجاز حقيقي، وهذا ضد فلسفة الشعارات، كما أنه صاحب مبادرة.
وقال لم يترك شاردة في العالم إلا وصحح من خلالها صورة المسلم الحقيقي، حيث إنه شخصية موسوعية شارك في كل مناحي العلم، وأضاف انطلق من الهوية الكويتية الوطنية التي كان المعيار الذي تعامل به مع كل البلدان، وشغل نفسه بحوار الحضارات، ونال جائزة الأمم المتحدة في اليوم العالمي للغة العربية، وأسس للغة العربية منارات في كل دول العالم.

الحمر: ديوان «بوح البوادي» للبابطين يحمل الأصالة بكل معانيها
وفي شهادته أوضح وزير الإعلام البحريني الأسبق نبيل الحمر، أنه كان يسمع عن البابطين رحمه الله ولم يلتق به، وحين التقاه وجد فيه شخصية نادرة، وأن مشاعر واحدة في النتائج التي يمكن تحقيقها جمعتهما، وأكد أنه شخصية متعمقة في الشعر والثقافة وموسوعة أدبية وثقافي وعلمية.
وفيما يخص ديوان «بوح البوادي» للبابطين، أوضح أنه يحمل الأصالة بكل معانيها. وفي الختام كشف الحمر أن الجميع اتفق على محبة البابطين رحمه الله.
وقال، العم عبد العزيز سعود البابطين رحمه الله اهتم بالشعراء وشعرهم العربي الأصيل.. وأنشأ مؤسسة (جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري) ومكتبة للشعر العربي، وتبني إصدار عشرات الدواوين الشعرية والدراسات النقدية عن الشعر لشعراء من مختلف الأقطار العربية دون تمييز أو تجاهل للأدباء من كل بلد.
وقد كان لنا شرف استضافة (دورة علي بن المقرب العيوني) في مملكة البحرين في عام 2002م.. والتي كانت من أنجح الدورات التي بذل فيها العم بوسعود الجهد الكبير لإقامتها.
وتابع كنت أنا شخصيا سعيداً بتنظيم هذه الدورة في البحرين وكنت أيضاً سعيداً وفخوراً في التعامل والتعاون الراقي مع العم عبد العزيز البابطين.

خدادة: فتح من خلال الشعر أبواب الحب والسلام
وفي شهادته تحدث الدكتور سالم خداده، عن جانبين خلال علاقته بالبابطين رحمه الله، الجانب الأول «العام»، ويتصل بالشعر العظيم الذي فتح من خلاله أبواب الحب والسلام، حيث إن البابطين أحب الشعر وشجع الشعراء، وحقق الكثير من الإنجازات في سبيل ذلك.
والجانب الثاني «الخاص»، تطرق فيه خدادة إلى علاقته بمؤسسة البابطين للشعر العربي، في وقت مبكر، واشتراكه في أنشطتها، كما أن المؤسسة استضافته في الكثير من أنشطتها داخل وخارج الكويت.

الفيلكاوي: البابطين أكبر من أن تُقال فيه قصيدة مدح أو رثاء
فيما ألقى الشاعر عبد الله الفيلكاوي، قصيدة «نجم السراة»، منوّها في البداية إلى أن البابطين رحمه الله أكبر من أن تُقال فيه قصيدة مدح أو رثاء.. ومن ثم فقد عبرت القصيدة – التي حازت على استحسان الحضور – عن مدلولات شعرية، ضمنها الشاعر بمفردات عميقة تارة وبسيطة تارة أخرى، وبالتالي جاءت القصيدة متكاملة ومعبرة عن الجو الاحتفائي الذي يعيشه الجمهور خلال المنارة، حيث تؤكد القصيدة أن البابطين مجموعة متكاملة من الإنسانية والأفكار المحبة للسلام.

افتتاح معرض المطبوعات والكتب خاصة إصدارات مؤسسة البابطين الثقافية
وعلى هامش المنارة شاهد الحضور معرض الصور، الذي احتوى على لقطات صور قديمة وحديثة للمحتفى به الشاعر عبد العزيز سعود البابطين رحمه الله، خلال الأمسيات والندوات والملتقيات التي أقامتها مؤسسته الثقافية في الكويت والبلدان العربية والأجنبية.
بالإضافة إلى افتتاح معرض المطبوعات والكتب، خصوصاً إصدارات مؤسسة البابطين الثقافية من مجلدات وإصدارات والمعاجم، أسهمت في إثراء الثقافة وتأكيد وجدودها المهم في حياتنا.
واختتمت الاحتفالية فقراتها بجولة في الدور الثالث من المكتبة للاطلاع على مقتنيات الراحل والشهادات، والأوسمة التي حصل عليها.