نون والقلم

احمد الملا يكتب: إمامة النبوة بين إمامة علي وخلافة عمر.. الصرخي مبينًا

من خلال الإطلاع على سيرة الإمام علي – عليه السلام – وتعاطيه مع الخلفاء وخصوصًا مع الخليفة عمر -رض- التي تعكس للجميع مدى التقارب المبني على النصح والإرشاد والوزارة والتي تعدت إلى مرحلة المصاهرة والتي نجم عنها تصريحات الخليفة عمر-رض- بالعديد من الأقوال منها : أقضانا علي- لا أبقاني الله في أرض ليس فيها أبا الحسن- ما من معضلة إلا ولها أبو الحسن – لولا علي لهلك عمر …. إلخ من خلال ذلك كله يتضح أنه لا يوجد أي تقاطع بين إمامة الإمام علي-عليه السلام- وإمامة الخليفة عمر-رض- بل ما يلاحظ أن هناك إمضاء لإمامة الخلافة والتي يمكن أن نسميها إمامة الحكم والإمارة…

وهذا الأمر له جذور وأسس قديمة ؛ حيث كانت النبوة في زمن النبي موسى – عليه السلام – تجمع نبوة التشريع ونبوة الحكام؛ لكن حصل التفريق بينهما بعد النبي موسى-عليه السلام- وهذا ما صرح به القرآن الكريم في سورة البقرة؛ حيث قال تعالى :-

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }البقرة246…

 

{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة247…

ومن هذا السياق القرآني يتضح لنا التالي:-

الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى-عليه السلام- طلبوا من نبيٍ لهم أن يبعث لهم ملكًا ؛ وقد استجاب الله تعالى وهذا النبي لطلبهم فبعث لهم طالوت( داوود)-عليه السلام- ملكًا وبصرف النظر عن سبب طلبهم هذا ؛ فالنتيجة المتحصلة أنه حصل التفريق بين نبوة التشريع والقضاء وبين نبوة الحكم والإمارة ؛ فهذا النبي الذي طلب منه الملأ صارت عنده نبوة التشريع والقضاء والأحكام الشرعية؛ وطالوت صارت عنده نبوة الملك والحكم والإمارة ؛ ومع هذا التفريق لم يحصل التعارض بينهما كما أن هذا الأمر كان مرضيًا عند الله تعالى وبدليل استجابته لطلبهم …

وكذا الحال في الإسلام؛ فنبوة النبي محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- كانت تجمع نبوة التشريع ونبوة الحكم؛ لكن بعد وفاته-صلى الله عليه وآله وسلم- حصل التفريق؛ فصارت إمامة وخلافة نبوة تشريعية ( قضاء وتشريع ) وإمامة وخلافة نبوة ( حكم وإمارة ) وهذا ناتجًا عن طلب القوم ؛ فالمسلمين هم من اتفقوا على أن تكون خلافة الحكم والإمارة في الخلفاء أبي بكر وعمر-رضي الله عنهما- والإمام علي-عليه السلام- قد أقر هذا الأمر من خلال :-

أولًا :- قوله-عليه السلام- لأبي سفيان عندما جاءه وأبلغه بأن الناس قد اجتمعت على اختيار الخليفة أبي بكر-رض- وكان يريد الفتنة بذلك ؛حيث رد عليه قائلًا (( إرجع يا أبا سفيان فو الله ما تريد الله بما تقول ومازلت تكيد الإسلام وأهله ونحن مشاغيل برسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- وعلى كل إمرء ما اكتسب وهو ولي ما احتقب )) المصدر كتاب الإرشاد للشيخ المفيد الجزء الأول ص 190؛ ومن هذا الكلام نلاحظ أن الإمام علي-عليه السلام- لم يعارض اختيار القوم للخليفة أبي بكر-رض- ؛ وكذا الحال اختيارهم للخليفة عمر-رض- وصرح بأن هذا اختيار القوم وهم يتحملون مسؤولية هذا الإختيار وهذه السنة التي تحولت من خلافة ورحمة إلى ملك عضوض ومن بعدها إلى جبر وعبث؛ حسب قول رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- كما روى نعيم بن حماد عنه-صلى الله عليه وآله وسلم- حيث قال ((أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ خِلَافَةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ ‌مُلْكٌ ‌عَضُوضٌ، ثُمَّ تَصِيرُ جَبْرِيَّةً وَعَبَثًا)) …

ثانيًا :- ومن كتاب له-عليه السلام- إلى معاوية؛ حيث قال فيه (إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على أتباعه غير سبيل المؤمنين…) المصدر : نهج البلاغة الجزء الثالث ص 7 ؛ وهنا نلاحظ وبكل وضوح أن الإمام علي-عليه السلام- يؤكد أن اختيار الخلفاء جاء بالشورى بين المهاجرين والأنصار وأن اختيارهم هذا فيه رضا الله تعالى؛ وبكل تأكيد ما يرضي الله تعالى فهو فيه رضا النبي والإمام- عليهما الصلاة والسلام- ولا يخالفانه ولا يقولان ببطلانه …

ثالثًا:- ومن كلام له-عليه السلام- (وقد استشاره عمر بن الخطاب -رض- في الشخوص لقتال الفرس بنفسه) حيث قال-عليه السلام- ((إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة……….. ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه. فإن انقطع النظام تفرق وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا…….. فكن قطبا، واستدر الرحى بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك أن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك…)) المصدر نهج البلاغة الجزء الثاني ص 30 ؛ وهنا نلاحظ أن الإمام علي-عليه السلام- نصح الخليفة عمر-رض- بعد الخروج بنفسه لمقاتلة الفرس لأن خروجه يسبب خروج كل العرب حول حاكمهم وخليفتهم الأمر الذي يسبب ترك فراغ كبير في المدن والأمصار الإسلامية وكذلك يشتد ويتكالب الفرس عليه محاولة لقتله لأن الخليفة عمر-رض- يمثل نظام الأمة الذي هو كنظام الخرز فأن انقطع-قتل- تفرق الخرز أي تفرقت الأمة …

رابعًا :- ما صرح به الخليفة عمر-رض- من أقوال عديدة بينت أنه في الجانب الشرعي والقضائي كان يلجأ إلى الإمام علي-عليه السلام- التي سبق وأن ذكرنا جزءًا منها أعلاه في مطلع المقالة …

ومن خلال هذا الاستعراض البسيط لبعض الموارد يتضح للجميع أنه لم يكن هناك تقاطع بين الخلافة الإمام علي-عليه السلام- التي كانت تمثل الجانب الشرعي والقضائي وهي إمامة نبوة (قضاء وتشريع ) وخلافة عمر-رض- وهي إمامة نبوة (حكم وإمارة) لكونها كانت مقبولة ومرضية عند الإمام علي-عليه السلام- وقبوله يعني قبول ورضا رسول الله–صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يمثل رضا الله تعالى ؛ حيث كان الأمرين ( تشريع وحكم ) ممتدان طولًا ولا تقاطع بينهما حكم الإمام علي –شرعي قضائي -وحكم الخليفة عمر-حكم وإمارة- فلم يحدث التقاطع بينهما ؛ وحتى في الجانب العرضي ؛ فلكل منهما رؤيته الخاصة من حيث الحكم والإمارة ولم يعارضها الإمام-عليه السلام- كما أن الخليفة لم يفعل ما هو خارج التشريع لذلك لم يحصل التعارض ؛ لذلك فإن عنوان الخلافة والإمامة عند الإمام علي-عليه السلام- وما يمثله من جانب شرعي وقضائي وكذلك عنوان الخلافة والإمامة عند الخلفاء الراشدين-رض- وما تمثله من جانب حكم وإمارة بمجموعهما يمثل خلافة النبوة وتمثل الخلافة الإلهية …

هذا ما بينه وكشفه لنا المهندس الأستاذ الصرخي الحسني في بحثه الموسوم [تَأْسِيسُ العَقِيدَة…بَعْدَ تَحْطِيمِ صَنَمِيَّةِ الشِّرْكِ وَالجَهْلِ وَالخُرَافَة] حيث قال :-

{{… 1ـ [عَلِيٌّ وَعُمَر(عَلَيْهِمَا السَّلَام)..إمَامَةُ نُبُوَّةٍ وَمُلْكٍ(قَضَاءٍ وَحُكْم)..طُولًا (أو عَرْضًا)]

جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ العَزِيز: {أَلَمۡ تَـرَ إِلَى [ٱلۡمَلَإِ] مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ…[مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰٓ]…إِذۡ قَالُواْ لِــ [نَبِيّٖ لَّهُمُ] ٱبۡعَثۡ لَنَا [مَلِكًا]}…..{قَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ [إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَكُمۡ طَالُوتَ مَلِكًا]…[إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰهُ عَلَيۡكُمۡ]…[وَٱللَّهُ يُؤۡتِي مُلۡكَهُ مَن يَشَآءُ]}[البقرة(246ـ 247)]

أـ الكَلَامُ عَن الإمَامَةِ(الخِلَافَةِ) الإلَهِيَّة وَليْسَ عَن إمَامَةِ القَهْرِ والجَبْرِ وَالمُلْكِ العَضُوض.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ): «أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ خِلَافَةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ ‌مُلْكٌ ‌عَضُوضٌ، ثُمَّ تَصِيرُ جَبْرِيَّةً وَعَبَثًا»[الفِتَن لِنعيم بن حماد]

بـ ـ يَتَّضِحُ مِن النَّصِّ القُرْآنِيّ؛ إنَّ “الإمَامَةَ الإِلَهِيَّة” الَّتِي تَحَمَّلَهَا مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَام) تَشْـتَـمِلُ “النّبُوّة” وَ “المُلْك”

جـ ـ مِن بَعۡدِ مُوسَىٰٓ قَـد تَفَرَّعَت (أو انْقَسَمَت) الإِمَامَةُ إِلَى: إمَامَةِ نُبُوَّةٍ (قَضَاء، تَشْرِيع، عِلْم)، وَإمَامَةِ مُلْكٍ(حُكْم، إِمَارَة، نِظَام)

دـ لِمَاذَا لَم يَتَصَدَّ النَّبِيُّ الإسْرَائِيلِيُّ لِلْمُلْكِ وَالحُكْمِ بِنَفْسِهِ؟!

. لِمَاذَا لَم يَطلُبِ المَلَأُ مِن النَّبِيِّ(عَلَيْهِ السَّلَام) أَن يَكُونَ مَلِكًا عَلَيْهِم؟!

. لِمَاذَا طَلَبَ المَلَأُ مِن النَّبِيِّ أَن يَجْعَلَ لَهُم مَلِكًا؟!

. هَل القُصُورُ فِي النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَام)؟! أو إنَّ القُصُورَ وَالتَّقْصِيرَ فِي المَلَإ، السَّادَةِ المَشَايِخِ الكُبَرَاء، وَالمُجْتَمَعِ مِن بَنِي إِسْرَائِيل؟!

. بِغَضِّ النَّظَرِ عَن الإِجَابَةِ، فَإنَّ النَّتِيجَةَ وَاحِدَةٌ، حَيْثُ صَارَ المُلْكُ وَالحُكْمُ والسّلْطَةُ لِغَـيْـرِ النَّبِيّ(عَلَيْهِ السَّلَام)

هـ ـ ….؛ ….}}….

ولكل من يريد أن يطلع على تفاصيل البحث يرجى الدخول على الرابط التالي :-

https://www.facebook.com/Alsarkhyalhasny1/posts/224776903132961

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى