نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: رضا المواطن.. شعار المحافظين

من الجيد أن يكرر المسؤولون المحليون شعار «أولويتنا رضا المواطن» في جميع لقاءاتهم، وكأن هناك تعليمات صارمة تحثهم على تبني هذه العبارة كشعار دائم.

هذا الأمر إيجابي من حيث المبدأ، حيث يفترض أن يكون المواطن هو الهدف الأساسي لعمل القيادات المحلية في كل محافظات مصر. ومع ذلك، فإن تحويل هذا الشعار إلى واقع ملموس يتطلب اتخاذ خطوات جوهرية حتى يقتنع الناس بأن هذه الكلمات ليست مجرد تصريحات شكلية.

ما نشهده على أرض الواقع يظهر أن اهتمام المحافظين يتركز على مناطق معينة في كل محافظة، بينما يتم تجاهل مناطق أخرى. والأمر لا يقتصر على ذلك فقط، فكثيراً ما نجد مسؤولين يتولون مناصبهم لسنوات طويلة دون أن يكونوا على دراية كاملة بجغرافيا محافظاتهم. هذا يكشف أنهم إما مقيدون داخل مكاتبهم أو أن جولاتهم الميدانية مقتصرة على مناطق معينة ومعدة مسبقاً، وهي ممارسة ما زالت مستمرة في غالبية المحافظات، بما فيها القاهرة والجيزة.

لتحقيق رضا المواطن، يجب أن تكون الجولات الميدانية للمحافظين حقيقية وغير مُعدّة مسبقاً، حيث إن الترتيبات الأمنية التي تسبق زياراتهم تفرغ تلك «الجولات المفاجئة» من معناها. فما يحدث الآن يجعل الجميع على علم بوصول المسؤول قبل ساعات طويلة من زيارته، فيفقد الحدث عنصر المباغتة الذي يُفترض أن يكشف الحقيقة كما هي.

الأهم لتحقيق رضا المواطن هو تسهيل الحصول على الخدمات المحلية بعيداً عن الفساد والرشاوى. ورغم تنفيذ مشروعات مثل المراكز التكنولوجية الرقْمية، فإن الوضع لم يشهد تقدماً حقيقياً. ما زال المواطن يعاني من نفس الدوامة بين الشبابيك والطوابير والمجهود البدني الباهظ بالصعود والهبوط بين الطوابق، فضلاً عن تدخل الوسطاء لتعقيد الإجراءات.

الرقمنة أصبحت شعاراً للاستهلاك المحلي أكثر منها واقعاً ملموساً، والدليل واضح في ضعف أداء المواقع الإلكترونية والخدمية، وصولاً حتى لموقع الشركة المصرية للاتصالات التي تحتكر خدمة الإنترنت الأرضي.

لتحقيق رضا المواطن بشكل فعلي، يجب أن يبادر المحافظون بالعمل بدلاً من انتظار التوجيهات العليا التي تحولت إلى جزء ثابت في تصريحاتهم الإعلامية. دور القيادة العليا هو وضع الخطط الاستراتيجية العامة، أما دور المحافظين فيكمن في الإبداع في التنفيذ والإشراف الفعّال على تحقيقها على أرض الواقع.

كما ينبغي على المحافظين التعاون مع الخبرات المحلية والقيادات المجتمعية الطبيعية في محافظاتهم لضمان فهم أفضل لطبيعة المناطق التي يعملون بها وعادات وتقاليد أهلها. وهذا التواصل ضروري لاحتواء أي أزمة قد تحدث.

غياب المجالس المحلية الشعبية وافتقاد المحافظين إلى خبرة مباشرة بطبيعة المحافظات التي يتولون إدارتها يزيد من أهمية الاعتماد على هذه الخبرات والقيادات.

إذا كان رضا المواطن هدفاً حقيقياً وليس مجرد شعار، فإنه يتطلب العمل بشكل يومي واتخاذ قرارات حاسمة وإجراءات فعلية دون انتظار التوجيهات أو التسويف. لا يتحقق رضا المواطن إلا بالقضاء على الفساد، وتيسير حصوله على حقوقه الخدمية بشكل عادل ومنصف، ووقف فرض الرسوم العشوائية التي تثقل كاهله.

الأهم من كل ذلك، هو أن يتحلى المسؤول بالرحمة في تعاملاته؛ عندها فقط سيشعر المواطن بالاهتمام الحقيقي وستتحقق حالة الرضا المنشودة.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى